📁 آخر الأخبار

على مسؤوليتي: بين جيل "زد" والأحزاب التقليدية

على مسؤوليتي: بين جيل "زد" والأحزاب التقليدية

 

على مسؤوليتي: بين جيل "زد" والأحزاب التقليدية

بعد أيام قليلة من خروج جيل “زد” إلى الشارع للتعبير عن مطالبه الاجتماعية، بدا المشهد السياسي المغربي مرتبكًا. معظم الأحزاب اختارت الصمت، مراقبةً من بعيد، وكأنها لم تسمع نبض الشباب الذي رفع صوته مطالبًا بالكرامة والعدالة الاجتماعية.

بعد أربعة أيام، بدأت بعض الأحزاب تعطي مواقف متباينة: لغة التخوين عند البعض، محاولة ركوب الموجة عند آخرين، أو الالتفاف على جوهر المطالب بدل معالجتها بصدق.

من بين هذه المواقف، استوقفني حديث الأمين العام لحزب الاستقلال، الحزب الذي أتشرف بالانتماء إليه. كنت أتمنى أن يكون ظهوره بموقع رجل دولة يدرك حجم المسؤولية تجاه الوطن، لا مجرد خطاب حزبي ضيق، خصوصًا أن المدرسة الاستقلالية تعلمنا أن الأولوية للوطن والسلم الاجتماعي، لا للمزايدات أو الصراعات الداخلية.

الخطاب الذي قدم كان كلاسيكيًا، بعيدًا عن لغة العصر، غارقًا في التنميط، لا يخاطب جيلًا وُلد في قلب الرقمنة والتواصل الفوري. حين يُقال إن وزارة التجهيز خلقت “24 مليون فرصة شغل”، يتساءل الشباب عن مدى واقعية هذا الرقم أمام بطالة تقارب 30% بين حاملي الشهادات.

أما حديث الأمين العام عن “تطهير” الحزب من أكثر من نصف أعضاء لجنته التنفيذية، فهو تعبير مؤسف ومُحمَّل بدلالات إقصائية، لا تليق بتاريخ حزبٍ عريق بنى على التنوع والاختلاف. الحزب يجب أن يظل بيتًا ديمقراطيًا يتسع لكل الأصوات، والمسؤولية لا تكتمل إلا بالمحاسبة.

لكن للأسف، الحزب اليوم صار فضاءً ضيّقًا تحتكر فيه الكلمة لصوت واحد، كما في رواية جورج أورويل 1984، حيث يُلغى الاختلاف ويُرفع شعار الولاء المطلق للمريدين. هذا التحول تُوّج بتعديل النظام الداخلي، واستبدال الانتخاب بالتعيين، منهياً مرحلة مشرقة من الديمقراطية الداخلية التي ميّزت الحزب لعقود.

جيل “زد” لا ينتظر الخطب التقليدية ولا الوعود المكررة، بل يبحث عن الصدق، الوضوح، والإيمان الحقيقي بالديمقراطية. هؤلاء الشباب ليسوا خصمًا للأحزاب، بل فرصة لإعادة اكتشاف معنى السياسة، وتجديد العلاقة بين الشباب والمؤسسات، على قاعدة واحدة: الوطن أولًا، والديمقراطية دائمًا.

أنا لا أتفق مع حل الأحزاب، لكن مع رحيل القيادات الكرتونية.

هيئة التحرير
هيئة التحرير
تعليقات