أزمة مستشفى الحسن الثاني بأكادير… وزير الصحة يكشف المستور والساكنة تطالب بالإنقاذ
في تصريح وُصف بغير المسبوق، كشف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، عن أزمة بنيوية حقيقية يعيشها المستشفى الجهوي الحسن الثاني بمدينة أكادير، بعد سلسلة من الوفيات التي هزّت الرأي العام المحلي، خاصة في صفوف النساء خلال فترة قصيرة.
الوزير أكد، في حوار بثته القناة الثانية، أنه قام بزيارة ميدانية للمستشفى فور وقوع الحوادث، حيث وقف على “اختلالات إدارية وتنظيمية وهيكلية خطيرة”، مشيرا إلى أن هذه المؤسسة الصحية، التي فتحت أبوابها سنة 1968، لم تخضع منذ ذلك الحين لأي عملية تحديث شامل أو إعادة تأهيل متكاملة.
أجهزة معطلة ونقص في الأطقم الطبية
التهراوي أوضح أن جزءا كبيرا من المعدات الطبية داخل المستشفى قديم أو غير صالح للاستعمال، وهو ما يؤدي إلى تأخر في التدخلات أو اضطرار المرضى للتنقل نحو مصحات خاصة أو مستشفيات بعيدة. كما أشار إلى خصاص واضح في الموارد البشرية بسبب الغيابات المتكررة وعدم احترام جداول العمل، ما يزيد من معاناة المرتفقين ويؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات.
أسر الضحايا في صدمة
أم محمد، وهي والدة شابة توفيت داخل المستشفى أثناء عملية ولادة، قالت لـ"تارودانت بريس": “دخلات بنتي بصحة جيدة، خرجات ليا جثة… ماعمرني نتخيل هادشي يوقع فمدينة بحال أكادير”. شهادات كثيرة مماثلة ترددت في الأحياء الشعبية للمدينة، حيث عبرت أسر أخرى عن ألمها وغضبها من استمرار “نزيف الأرواح” داخل مؤسسة كان من المفروض أن تكون ملاذا للمرضى.
المجتمع المدني يدق ناقوس الخطر
جمعيات محلية، من بينها “منتدى الصحة بسوس ماسة” و“جمعية أولادبرحيل للتنمية الاجتماعية”، كانت قد حذرت مرارا من الوضعية المقلقة للمستشفى، معتبرة أن “تراكم المشاكل لسنوات وعدم التدخل الجدي جعل المؤسسة تتحول من مركز للعلاج إلى مصدر للمعاناة”.
في هذا السياق، أكد أحد نشطاء أولاد تايمة أن ساكنة سوس ماسة اليوم تعيش مفارقة غريبة: “كيفاش عندنا أكبر مشروع صحي جديد فالمغرب، المركز الاستشفائي الجامعي بأكادير، وفي نفس الوقت المستشفى الجهوي اللي خاصو يكون سند أساسي غارق فالفوضى والاختلالات؟”.
لجنة تفتيش ومحاسبة مرتقبة
وزير الصحة شدد على أن الوزارة لم تتوصل في وقتها بالتقارير المفصلة حول كل حالة وفاة، ما عرقل التدخل الفوري، لكنه كشف في الآن ذاته عن تشكيل لجنة تفتيش مركزية باشرت مهامها قبل أي احتجاجات أمام المستشفى، وجمعت معطيات دقيقة حول مكامن الخلل.
وأكد التهراوي أن “قرارات حاسمة” ستُتخذ في حق كل من ثبت تورطه في التقصير أو الإهمال، موضحا أن الإجراءات الاستعجالية بدأت بالفعل، وأن الهدف هو “إعادة الوضع إلى نصابه وضمان استمرار تقديم الخدمات الصحية بأمان وكفاءة”.
بين أمل الإصلاح وغضب الشارع
في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الجارية، يعيش الرأي العام المحلي حالة من الترقب والقلق، بينما يواصل المواطنون ومعهم المجتمع المدني الضغط من أجل وضع حد لمعاناة المرضى وتحويل الأزمة إلى فرصة لإصلاح جذري.
فهل سيكون ما كشفه وزير الصحة بداية لانطلاقة جديدة لمستشفى الحسن الثاني، أم مجرد حلقة أخرى من مسلسل وعود لم تجد بعد طريقها إلى التنفيذ؟
✍️ تارودانت بريس Taroudant24 - جريدة تارودانت 24 الإخبارية
🔗 www.taroudant24.ma
