سعيد حميش يخطف الأضواء في مهرجان طنجة الوطني للفيلم بـ"البحر البعيد"
كشفت جريدة تارودانت بريس الإخبارية أن المخرج المغربي سعيد حميش تمكن من تحقيق إنجاز غير مسبوق خلال فعاليات المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، بعد أن تُوّج فيلمه “البحر البعيد” بأربع جوائز كبرى، من بينها الجائزة الكبرى للمهرجان، جائزة الإخراج، وجائزتا ثاني دور رجالي ونسائي، بقيمة مالية إجمالية بلغت 350 ألف درهم، في دورة طبعتها المنافسة القوية والتباين بين الرهان الفني والتجاري.
هذا التتويج، الذي وصفه النقاد بالمستحق، لم يكن مفاجئًا، إذ حظي الفيلم بإجماع نقدي واسع منذ عرضه الأول، بفضل معالجته الإنسانية العميقة لقضية الهجرة غير النظامية، من خلال قصة مغربي حاول عبور البحر نحو مرسيليا في تسعينيات القرن الماضي، ليجد نفسه بين واقعين متناقضين: حنين الوطن المفقود وقسوة الغربة.
الفيلم قدّم رؤية بصرية شاعرية، متوازنة الإيقاع، تسلط الضوء على تجربة المهاجرين، ومعاناتهم في البحث عن الذات والانتماء داخل مجتمع أوروبي مليء بالتناقضات. كما أن المخرج نجح في ترجمة الإحساس بالاغتراب إلى تجربة وجودية تتجاوز الجانب الاجتماعي إلى الفلسفي والإنساني.
وفي تصريح خاص، أكد سعيد حميش أن الفيلم هو ثمرة سنوات من التأمل في معنى الوطن والانتماء، مشيرًا إلى أنه أراد من خلاله إعادة التفكير في الطريقة التي تقدم بها السينما المغربية موضوع الهجرة، بعيدًا عن النمطية والدعاية.
إحدى أبرز نقاط قوة العمل كانت الموسيقى التصويرية، حيث اختار المخرج توظيف موسيقى الراي، وبالخصوص أغاني الراحل الشاب حسني، كعنصر درامي يوازي تطور الشخصيات ويعكس تحولاتها النفسية، ليبلغ هذا التوظيف ذروته في مشهد إعلان اغتيال الشاب حسني داخل الفيلم، في لحظة إنسانية كثيفة تختصر خيبة جيل كامل.
الناقد السينمائي عبد الكريم واكريم وصف “البحر البعيد” بأنه “ميلودراما اجتماعية راقية مكتوبة بلغة بصرية ناضجة”، مشيدًا بالقدرة الإخراجية الدقيقة، وإدارة الممثلين المتميزة، خاصة أداء أيوب كريطع الذي حمل ثقل الفيلم ببراعة، إلى جانب الحضور اللافت لـ نسرين الراضي وفاطمة عاطف في أدوار مؤثرة.
وأكد واكريم أن الفيلم نجح في تمرير خطاب إنساني راقٍ دون خطابة أو مباشرة، إذ جعل من الحب والصداقة بين شخصيات متعددة الجنسيات رمزا للتعايش الإنساني، في مواجهة التعصب والعنصرية.
واختتم الناقد بالقول إن “البحر البعيد” يعيد الثقة في السينما المغربية كأداة للتفكير والتعبير، بعيدا عن السطحية والبحث عن الجوائز، لأنه قبل كل شيء “فيلم عن الإنسان، عن الحنين، عن الوطن الذي يسكننا حتى ونحن نحاول الهرب منه”.
