الجزائر وسط التوترات الإقليمية: وثيقة استخباراتية تكشف دعم النظام لجماعات مسلحة في الساحل
كشفت صحيفة “إنتلجنس الساحل” عن وثيقة استخباراتية سرية أعدها خبراء غربيون، تتضمن معطيات وصفها المراقبون بـ”الخطيرة”، تظهر تورط النظام الجزائري في دعم جماعات مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة تنشط في شمال مالي ودول الساحل، ضمن استراتيجية وصفها التقرير بـ”الزعزعة بالوكالة”.
وتشير الوثيقة إلى أن الجزائر تسعى من خلال هذه الاستراتيجية إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة، والتحكم في الممرات والموارد الحيوية شمال مالي، في وقت يشهد تراجعًا لنفوذها الإقليمي، مقابل صعود متزايد للدور المغربي في المنطقة المغاربية والإفريقية.
وحسب التقرير، فإن صور الأقمار الصناعية وتقارير ميدانية واستخباراتية متقاطعة رصدت تحركات لميليشيات مدعومة جزائرياً تتجه نحو ضواحي العاصمة المالية باماكو، وسط تصاعد حالة الهشاشة الأمنية والسياسية في البلاد.
ويشير المراقبون إلى أن هذا الأمر ليس حدثاً معزولاً، بل يندرج ضمن سياسة ممنهجة تتبعها الجزائر منذ سنوات، عبر التدخل غير المباشر بدعم مجموعات مسلحة محلية بالمال والعتاد، مع الحفاظ على هامش من “الإنكار المعقول” لتجنب المسؤولية أمام المجتمع الدولي.
ويحدد التقرير ثلاثة دوافع رئيسية لهذه المقاربة:
-
دافع جيوسياسي: إضعاف مالي وإعادة رسم ميزان القوى في الساحل بما يخدم مصالح الجزائر، مع التحكم في الممرات الحيوية ومنع أي تحالفات إقليمية قد تقصيها.
-
دافع اقتصادي: السيطرة على الثروات المعدنية والممرات التجارية والطاقة في شمال مالي، مع استغلال الكيانات الانفصالية لتعزيز النفوذ غير المباشر على الموارد.
-
دافع سياسي داخلي: تصدير الأزمات الداخلية عبر خلق “عدو خارجي”، لتبرير القبضة الأمنية وصرف الانتباه عن الوضع الاقتصادي والسياسي المتدهور.
ويحذر التقرير من أن اعتماد الجزائر على الجماعات الإرهابية كأداة نفوذ إقليمي يشكل مغامرة خطيرة قد تؤدي إلى انفلات أمني شامل في المنطقة، خصوصاً مع تمدد التنظيمات المتطرفة نحو حدود الجزائر، وتزايد مخاطر الإرهاب والهجرة غير النظامية التي تهدد الأمن الأوروبي.
كما تؤكد الوثيقة أن هذه السياسة تضعف الثقة بين دول الساحل وشركائها الدوليين، وتحد من مناخ الاستثمار في منطقة تحتاج إلى الاستقرار والتنمية بدل تأجيج الصراعات.
وفي مفارقة مثيرة، بعد أن كانت الجزائر تقدم نفسها كوسيط في أزمات الساحل، أصبحت اليوم في نظر العديد من العواصم الإقليمية والدولية أحد أبرز صناع تلك الأزمات، عبر لعب مزدوج بين الواجهة الدبلوماسية والظل الاستخباراتي.
ويخلص التقرير إلى أن استمرار هذه السياسة قد يؤدي إلى تدهور أمني سريع يمتد من شمال مالي إلى الحدود الجنوبية للجزائر، مع تهديد كامل استقرار المنطقة.
