ضغوط أمريكية جديدة على شبكات تهريب المخدرات تدفع نحو مخاطر متزايدة بغرب إفريقيا والمغرب
فتح تكثيف الولايات المتحدة لضرباتها الجوية ضد قوارب تهريب المخدرات في بحر الكاريبي مساراً جديداً من التحديات أمام دول غرب إفريقيا، وفي مقدمتها المغرب، مع توقعات ببحث شبكات التهريب عن ممرات بديلة بعيدة عن الضغط الأمريكي المتصاعد. وقد أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية، أمس الأحد، تنفيذ ضربة جديدة رفعت عدد العمليات إلى نحو عشرين ضربة جوية، وفق شبكة “سي إن إن”.
وفي هذا السياق، كشف خبراء أمنيون مغاربة أن التحولات الحالية في قواعد مكافحة التهريب الدولي قد تؤدي إلى تغيير عميق في هندسة مسارات المخدرات، مع ما قد يترتب عن ذلك من ضغوط أمنية على مناطق واسعة من الساحل والصحراء.
وأوضح الخبير الأمني محمد الطيار أن “هذا الوضع يفتح بالنسبة للمغرب احتمالات جديدة لتمدد أنشطة التهريب عبر المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني”، مضيفاً أن كشفت جريدة تارودانت بريس الإخبارية من مصادر متقاطعة وجود مؤشرات حول استغلال مخازن داخل مخيمات تندوف كمرحلة أولية لتجميع وتفكيك الشحنات قبل إعادة توزيعها نحو الجزائر أو أوروبا.
وأكد الطيار أن تراجع الثقة لدى شبكات التهريب في ممرات الكاريبي والطرق الأطلسية قد يدفعها إلى تعزيز اعتمادها على نقاط تخزين خارج الرقابة الدولية، ما يمنح مخيمات تندوف “دوراً لوجستياً أكبر” في ظل ما وصفه بـ“الفوضى الأمنية والتداخل بين الجماعات المسلحة والمهربين”.
ويرى المتحدث أن “الممر الشرقي” الممتد من تندوف مروراً بشمال مالي وصولاً إلى سرت الليبية أصبح أكثر أهمية، بالنظر إلى غياب الدولة المركزية في ليبيا وتعدد الجماعات المسلحة المستعدة لتوفير الحماية مقابل المال، إضافة إلى صعوبة تعقب المسارات الصحراوية الواسعة.
وحذر من أن توسع هذا المسار سيزيد المخاطر على الاستقرار الإقليمي، مشيراً إلى أن المغرب قد يواجه ضغوطاً متصاعدة على حدوده الجنوبية والشرقية، سواء عبر “قوارب صغيرة يصعب رصدها تنطلق من السواحل السنغالية والموريتانية”، أو عبر عمليات تفتيت الشحنات وتوزيعها بين شبكات صغيرة لتجنب التتبع.
وأوضح الطيار أن التوسع الأمريكي في استهداف شبكات المخدرات خلال مرحلة إدارة ترامب دفع المنظمات الكبرى إلى البحث عن مسارات بديلة أكثر تعقيداً، مستغلة الهشاشة الأمنية في الساحل الإفريقي وانعدام الرقابة على مناطق شاسعة تمتد من السواحل الموريتانية والسنغالية وصولاً إلى غينيا بيساو، إضافة إلى استخدام طائرات صغيرة للتهريب.
من جانبه، أكد الخبير في العلاقات الدولية محمد نشطاوي أن إدارة ترامب جعلت من محاربة الكارتيلات محوراً مركزياً في سياستها، معتمدة على استهداف جذور شبكات الإنتاج والتوزيع في أمريكا الجنوبية، في ظل ارتفاع عالمي غير مسبوق في تجارة المخدرات.
وأشار نشطاوي إلى أن المشهد الأمريكي لم يعد مقتصراً على تهريب “الحشيش”، بل أصبح يشمل الأفيون والكوكايين والنفتالين وأنواعاً جديدة أشد خطورة، مؤكداً أن انتشار هذه المواد يهدد الصحة العامة ويغذي أزمات اجتماعية متعددة داخل الولايات المتحدة.
وأضاف أن واشنطن طالما اعتمدت على أجهزتها الاستخباراتية لتفكيك شبكات التهريب واستهداف كبار بارونات المخدرات، غير أن بعض التحديات مازالت قائمة، من بينها تورط محدود لبعض العناصر الأمنية في تسهيل الأنشطة غير المشروعة.
واختتم نشطاوي بأن هذه السياسة تهدف أساساً إلى تقليص نفوذ الكارتيلات وردع المتورطين، لكنها “غير قادرة على القضاء الكامل على الظاهرة”، معتبراً أن تداعياتها تمتد إلى دول عديدة، خصوصاً تلك التي تستخدم كمحطات عبور نحو أوروبا.
