أيدت محكمة الاستئناف الإدارية بأكادير حكماً ابتدائياً قضى بإلزام "مصحّة الجنوب لأمراض القلب والشرايين" بمدينة أكادير بأداء مبلغ 2.352.150 درهماً لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وذلك على خلفية نزاع يرتبط باختلالات في فوترة خدمات التأمين الإجباري عن المرض والتعويضات الطبية، وفق ما كشفت جريدة تارودانت بريس الإخبارية بناءً على وثائق قضائية رسمية.
القرار الاستئنافي، الصادر تحت رقم 1581، جاء بعد الطعن الذي تقدمت به المصحة في الحكم الابتدائي الصادر في أبريل 2024، والذي حمّلها مسؤولية أداء المبلغ المالي المذكور، بعدما أكد تقرير خبرة قضائية وجود تفاوتات غير مبررة في الفواتير الموجهة إلى نظام التأمين الإجباري عن المرض.
🔎 خلفيات الملف وتفاصيل الاختلالات
وتعود وقائع هذا النزاع إلى عملية تفتيش تقني ومالي أنجزها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، شملت الفترة الممتدة بين 2015 و2017، وكشفت عن:
-
تضخيم مبالغ تحاليل وفحوصات طبية.
-
استعمال مواد وأدوية بكلفة تفوق المعدلات المعتمدة.
-
عدم احترام التعريفة المرجعية الوطنية المحددة بقرار وزير الصحة رقم 3207-15 بتاريخ 23 شتنبر 2015.
بناءً على ذلك، طالب الصندوق باسترجاع مبالغ وصفها بأنها “غير مستحقة وغير مطابقة للمعايير القانونية”، ليصدر الحكم الابتدائي لصالحه.
وقد اعتبرت محكمة الاستئناف أن دفوعات المصحة “غير مؤسسة”، موضحة أن الخبير اعتمد على وثائق صادرة عن المصحة نفسها، وأبرز بدقة الفوارق بين الكلفة الحقيقية للخدمات الطبية والتعريفة القانونية المعمول بها. كما أكدت المحكمة أن المصحة لم تقدم ما يفيد دحض نتائج الخبرة، ولم تثبت احترامها للقواعد القانونية في الفوترة خلال الفترة المدققة.
وفي مسار التقاضي، جادلت المصحة بأن فوترة الخدمات تمت وفق “معايير طبية” تراعي الحالات الصحية، غير أن المحكمة اعتبرت أن هذه المبررات بقيت دون سند محاسباتي أو تقني كافٍ، ما جعل الحكم الابتدائي “سليماً من الناحية القانونية”.
💬 موقف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
رحب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالقرار القضائي، معتبراً أنه:
-
يكرس مبادئ الشفافية في التعاملات المالية.
-
يعزز ترشيد نفقات التأمين الصحي.
-
يبعث “رسالة واضحة” لمقدمي الخدمات الصحية بضرورة احترام قواعد الفوترة.
كما يأتي الحكم في سياق وطني يعرف دينامية واسعة نحو تعميم التغطية الصحية الإجبارية، وسط نقاش متصاعد حول ضبط كلفة العلاج وضمان استدامة تمويل أنظمة التأمين، مع التأكيد على الدور المتنامي للقضاء الإداري في حماية المال العام وتقويم ممارسات بعض الفاعلين في القطاع الصحي.
