مع اقتراب موعد اجتماع مجلس الأمن الدولي المرتقب لبحث آخر تطورات قضية الصحراء المغربية، تتجه الأنظار نحو نيويورك وسط تفاؤل واسع من قبل خبراء العلاقات الدولية الذين يؤكدون أن الملف دخل مرحلة حاسمة ومؤشرات إيجابية توحي بقرب الحسم النهائي، في ظل الدعم المتنامي لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة المغربية كحل واقعي ونهائي للنزاع المفتعل.
ورغم الجدل القائم حول صحة التسريبات المتعلقة بمسودة قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء، فإن المراقبين يجمعون على أن القرار المنتظر صدوره نهاية أكتوبر الجاري سيكون منعطفاً تاريخياً في مسار القضية، لما سيحمله من اعتراف أممي متجدد بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية، وترسيخ لمبادرة الحكم الذاتي كخيار وحيد لإنهاء النزاع.
وقال الدكتور لحسن أقرطيط، الباحث في العلاقات الدولية، إن “جميع المؤشرات الحالية تدل على قرب إنهاء هذا النزاع الإقليمي الذي استمر لأزيد من نصف قرن”، مشيراً إلى أن الموقف الأمريكي الثابت منذ إعلان الرئيس السابق دونالد ترامب اعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء في دجنبر 2020 مازال قائماً حتى اليوم، وأن إدارة جو بايدن واصلت التمترس خلف هذا الموقف، مؤكدةً عليه في مختلف المحافل الدولية.
وأضاف أقرطيط أن القانون الأمريكي المقترح لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية يشكل ضغطاً قوياً على النظام الجزائري وقيادة الجبهة، إلى جانب الموقف الروسي الجديد الذي عبّر عنه وزير الخارجية سيرغي لافروف خلال لقائه بنظيره المغربي ناصر بوريطة، حين أشار إلى أن “مقترح الحكم الذاتي يمثل شكلاً من أشكال تقرير المصير”، في إشارة إلى استعداد موسكو لتبنّي الحل المغربي إذا تم التوافق عليه داخل مجلس الأمن.
وأكد الباحث أن هذه التحولات “قد تفتح الباب أمام تصويت بالإجماع يشمل حتى روسيا والصين، مما سيعني عملياً طي صفحة الاستفتاء وتقرير المصير نهائياً”.
من جهته، أوضح الأستاذ إدريس لكريني، الخبير في العلاقات الدولية، أن قضية الصحراء المغربية بلغت “مرحلة متقدمة جداً”، خصوصاً في ظل الزخم الدبلوماسي الذي تعرفه على الصعيدين الإقليمي والدولي. وأبرز أن دولاً كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، إلى جانب عدد متزايد من الدول في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، عبّرت عن دعمها الصريح لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة المغربية.
وأضاف لكريني أن “مجلس الأمن لا يمكن أن يبقى بمنأى عن هذه الدينامية الدولية المتسارعة، خاصة مع تبدل موقفي روسيا والصين اللتين أبدتا تفهماً أكبر للطرح المغربي”، مؤكداً أن هذا الواقع الجديد “يدفع نحو قرارات أكثر جرأة وواقعية في اتجاه تبنّي الحكم الذاتي كحل وحيد ومستدام”.
واختتم الخبير تصريحه بالتأكيد على أن “المجتمع الدولي بات يرفض كل المشاريع الانفصالية في العالم، كما حدث في كاتالونيا وكردستان العراق”، وهو ما يبرز، حسب قوله، أن “المبادرة المغربية للحكم الذاتي تجسد روح الواقعية السياسية والنضج الدبلوماسي للمملكة، وتمثل السبيل الأنجع لإنهاء هذا النزاع المفتعل بشكل نهائي”.
