📁 آخر الأخبار

دراسة جديدة لمحمد بوشيخي: «لا يفتي قاعد لمجاهد» وأزمة المرجعية في منظومة السلفية الجهادية

دراسة جديدة لمحمد بوشيخي: «لا يفتي قاعد لمجاهد» وأزمة المرجعية في منظومة السلفية الجهادية

قدّمت دراسة حديثة للباحث محمد بوشيخي، منشورة في «مجلة المستقبل العربي»، قراءة نقدية لتحوّلات منظومة السلفية الجهادية خلال العقود الأخيرة، مركِّزة على أثر اجتهادات سيد قطب ومقولة «أسبقية الجهاد على الفقه» التي أعادت ترتيب أولويات الفاعلين داخل الحقل الجهادي.

المتن:
ترصد الدراسة جذور المقولة في خطابٍ قطبي ربط بين الأولوية العملية للحركة والنموّ النظري، فاعتُبر أن التجربة الحركية تسبُق النظرية، وأن الاجتهاد الفقهي المستقل في زمن الانخراط الميداني يصبح تبعيًا أو مضراً بروح الحركة. هذا الانزياح، بحسب الدراسة، لم يظل مجرد طرح نظري بل تسرّب إلى معسكرات التدريب والملتقيات الحركية العالمية (من بيشاور إلى شبكات الجهاد)، ثم تحوّل إلى مبدأ تنظيمي في هياكل عدة مجموعات جهادية.

أفضى هذا المبدأ إلى تراجع دور المؤسسة العلمية التقليدية وإضعاف شرعية العلماء؛ إذ صار القادة الميدانيون يبرّرون أفعالهم وفتاواهم بضرورات الميدان والسرعة في اتخاذ القرار، ما أدى إلى صراع داخلي بين القيادة الميدانية والقيادة الشرعية حول تحديد الأولويات والمسؤوليات.

وتشير الدراسة إلى أن هذا المنطق احتضنته مشاريع مثل «داعش» بعد إعلان «دولة العراق الإسلامية» (2006)، حيث باتت المشروعية تُستمدّ من الواقع الميداني، والفتوى تُصاغ وفق ما يخدم استمرار العمليات، بغض النظر عن الاجتهادات الفقهية التقليدية. في المقابل، قاد هذا التحول موجات نقد داخل الحقل الجهادي؛ فقيادات مثل المقدسي وأبو قتادة وأبو الحسن غريب عبّروا عن رفضهم للفصل بين العلم والعمل وحذّروا من استبعاد العلماء.

كما تبرز الدراسة مراجعات داخلية؛ فقبل انفصالها عن القاعدة، أعادت جبهة النصرة تقييم موقفها واعتبرت مقولة «لا يفتي قاعد لمجاهد» بدعة، مؤكدة على أن الفتوى لا تبقى محصورة بالمجاهد وحده بل مرهونة بالاستدلال والمرجعية العلمية.

البعد الرقمي والأثر على الفردانية:
تُخصِّص الدراسة جزءاً مهماً لدور الفضاء الرقمي في تسريع تفكك البنية المرجعية: المنابر الرقمية صارت تصنع «مقاتلاً» متعلماً دينياً رقْمياً ينتقل من التعليم الافتراضي إلى الفعل دون مساءلة فقهية، ما أنتج ظاهرة «الذئاب المنفردة» كنتاج عملي لمنطق «الأسبقية العملية». هؤلاء الأفراد يمرّون على طول سلسلة إنتاج معرفي إيديولوجي مستقل عن الضوابط العلمية، مما ولد تشظياً أيديولوجياً وهروبا من ضوابط الجماعة.

الأبعاد الأخلاقية والشرعية:
تُبرز الدراسة أن تهميش المرجعية العلمية سهّل تبريرات لانتهاكات قواعد أخلاقية وإنسانية، إذ حرّر بعض العناصر من أي قيود شرعية أو مجتمعية، ما عمّق أزمة الشرعية داخل الساحة الإسلامية وعزّل الفاعل عن مسؤوليات المجتمع والعلماء.

الاستنتاج والتوصيات:
تخلص الدراسة إلى أن التحوّل المركّب — المرجعي والتنظيمي والتقني والأخلاقي — أنتج أزمة بنيوية تمثلت في فقدان التوازن بين العلم والعمل وتشظي هوية الحركات الجهادية. وللخروج من هذا الانحراف، يقترح الباحث إعادة وصل بين المرجعيات العلمية والميدان، ضبط دور الفضاء الرقمي في إنتاج وتعليم المقاتلين، وفتح نقاش فقهـي آنٍ يواكب تحديات الحركات المسلحة دون التخلي عن الضوابط الشرعية والإنسانية.

الخاتمة (خاتمة ثابتة للمقالات المنشورة في الموقع):
Taroudant Press - تارودانت بريس
www.taroudantpress.com

 

هيئة التحرير
هيئة التحرير
تعليقات