في مشهد جيوسياسي تتقاطع فيه المصالح وتُعاد فيه الاصطفافات، برز من موسكو ما يمكن اعتباره تحولاً دبلوماسياً لافتاً في موقف روسيا من قضية الصحراء المغربية. فحينما شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على ضرورة "حل واقعي ومتوازن ومقبول من جميع الأطراف"، بدا كمن يقترب من المقاربة المغربية التي ترتكز على مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وذي مصداقية.
ويرى مراقبون أن هذه الصياغة الدقيقة لم تكن وليدة الصدفة، بل تعبّر عن انزياح تدريجي نحو الطرح المغربي، في وقت تزداد فيه قناعة المنتظم الدولي بوجاهة الحل المغربي، الذي بات يحظى بدعم قوى كبرى كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
ويعتبر الباحث في الدراسات السياسية والدولية بوسلهام عيسات أن هذا الموقف الروسي الجديد لا ينفصل عن عمق الشراكة الاستراتيجية التي تجمع الرباط بموسكو منذ الزيارة الملكية التاريخية للملك محمد السادس إلى روسيا، والتي أرست أسس تعاون متعدد الأبعاد. وأضاف أن روسيا، بصفتها رئيسة مجلس الأمن، "تنظر إلى المغرب كشريك وازن في شمال إفريقيا، وتنحاز بالتالي إلى الحل الواقعي، بما ينسجم مع المرجعيات الأممية".
وفي السياق ذاته، يرى الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية حسن بلوان أن "من المبكر الحديث عن اعتراف روسي صريح بالحكم الذاتي، لكن تصريحات لافروف تمثل خروجاً من الحياد السلبي نحو الحياد الإيجابي، وهو ما يشكل مكسباً للدبلوماسية المغربية". وأضاف أن نجاح الرباط في إقناع روسيا والصين بالاقتراب من الموقف المغربي يُعد "إنجازاً هاماً في مسار تثبيت الاعتراف الدولي بمبادرة الحكم الذاتي".
✍️ إعداد: Taroudant Press 24