📁 آخر الأخبار

المسيرة الخضراء.. من ثورة التحرير إلى شراكة الدبلوماسية الموازية: خمسون سنة من صناعة التاريخ المغربي

المسيرة الخضراء.. من ثورة التحرير إلى شراكة الدبلوماسية الموازية: خمسون سنة من صناعة التاريخ المغربي

 المسيرة الخضراء.. من ثورة التحرير إلى شراكة الدبلوماسية الموازية: خمسون سنة من صناعة التاريخ المغربي

كشفت جريدة تارودانت بريس الإخبارية أنه مع اقتراب الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، التي ستُخلد خلال الأيام القليلة المقبلة، يقف المغرب شامخاً أمام حدث وطني وإنساني استثنائي لا يزال يُدهش العالم، باعتباره ثورة سلمية فريدة في التاريخ الحديث، جمعت بين الإيمان والذكاء السياسي والإرادة الشعبية لاستكمال الوحدة الترابية للمملكة.

وفي الوقت ذاته، ينعقد مجلس الأمن الدولي لبحث تطورات قضية الصحراء المغربية، بعد جهود دبلوماسية مكثفة قادها المغرب بشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية في إطار تحالف استراتيجي رسّخ موقع المملكة كفاعل أساسي في محيطها الإقليمي والدولي.

منذ سنة 1975، التي شهدت انطلاق المسيرة الخضراء بعبقرية الملك الراحل الحسن الثاني، وحتى سنة 2025 التي تؤرخ لخمسين عاماً على هذا الحدث الخالد، يبرز المغرب كـ نموذج للدولة الحضارية المستمرة؛ دولة عريقة الجذور، متجددة الفكر والبناء، استطاعت أن توفق بين أصالة التاريخ ورؤية المستقبل.

من المسيرة إلى السيادة الدبلوماسية

جاءت المسيرة الخضراء لتغلق فعلياً صفحة الاستعمار في الصحراء المغربية، بعدما حاولت القوى الكولونيالية تفكيك الكيانات التاريخية الأصيلة في شمال إفريقيا.
وقد نجح المغرب، رغم محدودية إمكانياته آنذاك، في إعادة الصحراء إلى حضنه الوطني، بوسائل سلمية وإيمان شعبي عميق بوحدة التراب والسيادة.

لكن المعركة لم تنتهِ بالمسيرة؛ إذ خاضت المملكة خلال نصف قرن من الزمن حروباً دبلوماسية طاحنة في المحافل الدولية، دفاعاً عن حقها التاريخي والقانوني، مستندة إلى الشرعية، والذكاء السياسي، والرؤية الإستراتيجية لملوكها المتعاقبين.

من “التدبير” إلى “التغيير”: التحول بقيادة محمد السادس

وجاءت مرحلة جلالة الملك محمد السادس لتشكل منعطفاً تاريخياً جديداً في هذا المسار. فبعد أن قدّم المغرب سنة 2007 مشروع الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، انتقل إلى مرحلة المبادرة والريادة، بدل الاكتفاء بردود الفعل.

وقد تجسد ذلك في خطاب جلالته أمام البرلمان يوم 11 أكتوبر 2024، حين أكد على ضرورة الانتقال من التدبير إلى التغيير، وتوحيد الجهود الرسمية والمدنية والحزبية والبرلمانية ضمن ما أسماه بـ “عقيدة الدبلوماسية الموازية المغربية”، قصد توسيع الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء وترسيخ مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد واقعي ودائم.

الدبلوماسية الموازية.. رهان المرحلة الجديدة

إن مفهوم الدبلوماسية الموازية يفتح آفاقاً واسعة أمام المغرب لبناء تحالفات نوعية خارج القنوات الرسمية، من خلال الانفتاح على المجتمع المدني الأمريكي ومؤسساته المؤثرة، وعلى رأسها جماعات الضغط، مراكز التفكير، المنظمات غير الحكومية، الشركات الكبرى، ووسائل الإعلام.
هذه الفضاءات تشكل قوة ناعمة داخل النظام السياسي الأمريكي، قادرة على التأثير في مواقف واشنطن تجاه القضايا الدولية، ومنها قضية الصحراء المغربية.

ويأتي هذا التوجه انسجاماً مع الرؤية الملكية التي دعت إلى تضافر الجهود الرسمية والمدنية لتعزيز المرافعة الوطنية حول الوحدة الترابية، في ظل التحولات الجيوسياسية الكبرى التي تعرفها المنطقة والعالم.

نحو شراكة مدنية مغربية أمريكية

يقترح المقال أن تُبنى شراكة إستراتيجية بين المجتمعين المدنيين المغربي والأمريكي على قيم مشتركة، أهمها احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، مع التعاون في أربعة مجالات رئيسية ذات بعد إفريقي مشترك: السلام، الأمن، التنمية، والعمل الإنساني.
وتُعتبر هذه المجالات فضاءً حيوياً لتفعيل الدبلوماسية الشعبية وتقوية جسور التفاهم بين الشعوب.

وفي هذا الإطار، يُمكن لمؤسسات وطنية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس الجالية المغربية بالخارج والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن تلعب دوراً محورياً في مواكبة المبادرات المدنية وتشبيكها دولياً ضمن إطار مؤسساتي مرن وشفاف.

خلاصة

خمسون سنة بعد المسيرة الخضراء، يثبت المغرب أن معركة الصحراء لم تكن فقط قضية حدود، بل قضية وجود، وأن روح المسيرة ما تزال تنبض في كل المبادرات التنموية والدبلوماسية التي تخوضها المملكة اليوم.

فكما وحد المغاربة صفوفهم خلف الحسن الثاني سنة 1975 لاسترجاع الأرض، يوحدهم اليوم محمد السادس خلف مشروع دبلوماسي وتنموي جديد يروم تحصين السيادة وتوسيع الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء.

إنها المسيرة الخضراء الثانية — مسيرة من أجل المستقبل، تَستلهم روح الأولى، وتستشرف مغرب الغد بثقة ووضوح.


ملخص الخبر:
يحتفل المغرب بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء في وقت يتواصل فيه النقاش الأممي حول قضية الصحراء المغربية، حيث يبرز البعد الدبلوماسي المبتكر للمملكة عبر تبني مقاربة الدبلوماسية الموازية والانفتاح على المجتمع المدني الأمريكي لتعزيز المرافعة الوطنية.


✍️ إعداد: Taroudant Press 24
✍️ Taroudant Press - تارودانت بريس
للمزيد من الأخبار زورو موقعنا الإخباري:
🌐 www.taroudantpress.com


هيئة التحرير
هيئة التحرير
تعليقات