8 مارس:زواج القاصرات بالمغرب.. أرقام مقلقلة وشهادات صادمة
ليلة العمر كانت مزيجا من الهلع والصدمة التي لم تزل تلازم ليلى إلى اليوم. فرض عليها أهلها وهي بعد قاصر زوجا لترتيب مصالح عائلية.
أول لقاء حميمي لها مع زوجها، الذي يكبرها ب17 سنة، يحتل مكانا موجعا ومظلما في ذاكرة ليلى. “كان المكان مظلما، وكنت أريد أن أصرخ طلبا للنجدة، وكلما اقترب مني بخطوة زاد هلعي، كان يقترب مني كوحش وليس رجلا أصبحت عروسته باسم الدين والقانون”.
قصة ليلى “والوحش” كما تصف تعامله معها وهي بعد لم تفك تفاصيل كثيرة من حياتها ومستقبلها، تتكرر حسب إحصائيات رسمية في عدد من القرى المغربية باختلافات من منطقة لأخرى، منتجة مئات الحالات من زواج القاصرات.
التهمة: فرار من زواج مع سبق الإصرار
كريمة، البالغة من العمر 21 عاما، تجر قصة قريبة. لم تعلم أنه زُوجت لابن عمها إلا في الساعات القليلة السابقة ليوم زفافها.
“لا أصدق أن والدي باعني حين كنت أبلغ من العمر 14 سنة، لأخيه في صفقة فاز فيها بإرث مؤجل بينهما”، تحكي ابنة مدينة “أزيلال” في تصريح لجريدة “مدار 21” الإلكترونية.
وتقول إنها ظلت حبيسة غرفة النوم لمدة ست سنوات. “كنت طفلة وحاولت قدر الإمكان التأقلم مع الوضع لكن دون جدوى، كان الأمر استغلالا جنسيا وكنت أبكي كل ليلة وأدعو الله أن يخرجني من “سجن الزوجية” والحمد لله لبى الله ندائي ونجحت في الفرار وبدء حياة جديدة”.
كريمة اليوم أستاذة بإحدى مدارس التعليم الأولي ببني ملال، وتحكي كيف استطاعت بفضل مساعدة جمعيات بالمدينة، الخروج من “ظلمات” تلك المرحلة إلى نور حياة جديدة، مشددة على وجوب منع زواج القاصرات “مهما تكن الأسباب، وحتى لو صرخت بالموافقة”.
من استثناء إلى قاعدة
وككل عام، تحاول عدد من الجمعيات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة إطلاق حملات للتصدي لزواج القاصرات في الوسط القروي، في كل فرصة سانحة، كان آخرها “سطوب زواج القاصرات” التي أطلقتها جمعية التحدي للمساواة والمواطنة.
وتروم الحملة التحسيسي “مد جسور التواصل والحوار مع ساكنة القرى النائية”، في محاولة لـ”فهم أعمق” لأسباب انتشار ظاهرة زواج القاصرات رغم كل الضوابط التقييدية التي تضمنتها مدونة الأسرة.
وقالت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، إن زواج القاصرات “انتهاك سافر لحقوق النساء واغتصاب لحقوق الطفولة”.
وطالبت فاطمة بوعناني، فاعلة جمعوية بإقليم إزيلال، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، “الحكومة بالمشاركة في هذه الحملات “ليكون لها صوت قادر على تغيير الواقع، والخروج من التوعية إلى “وقف التنفيذ والمعاقبة”.
وتقول بوعناني إن زواج القاصرات تحول من استثناء إلى قاعدة، في إشارة إلى المادة الـ20 من مدونة الأسرة المغربية، والتي نصت على أن “لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه (18 سنة)، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي”.
بالأرقام
وكان الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، قد أعلن في وقت سابق، إن محاكم المملكة، تلقت عام 2020 ما مجموعه 19926 طلبا للإذن بزواج القاصر، 68 بالمائة من هذه الطلبات يقطن أصحابها في المجال القروي.
وعلق الداكي على هذه المعطيات بالقول “الواقع أنتج وضعية لا تساير على الوجه المطلوب فلسفة المشرع التي اتجهت إلى جعل هذا الزواج استثناء في أضيق الحدود”.
من جانبه، أفاد مكتب اليونيسيف في المغرب، بأن “31.5 في المائة من النساء المطلقات أو الأرامل كن ضحايا للزواج المبكر قبل بلوغهن سنة الـ18 عاما”، موضحا أن النسبة تصل إلى 41 في المائة في الوسط القروي و26 في المائة في الوسط الحضري.