📁 آخر الأخبار

ربط المسؤولية بالمحاسبة: مطلب شبابي يعكس أزمة الحكامة الترابية بالمغرب

ربط المسؤولية بالمحاسبة: مطلب شبابي يعكس أزمة الحكامة الترابية بالمغرب

 مطالب شبابية متصاعدة بمحاسبة المسؤولين المحليين

في خضم الاحتجاجات التي يقودها الشباب المغربي ضمن حركة جيل زد، برزت مطالب واضحة تدعو إلى تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة داخل الجماعات الترابية. هذه الحركة الشبابية ترى أن المسؤولين المحليين يتحملون مسؤولية مباشرة عن الاختلالات التنموية والإخفاقات المتراكمة في تدبير الشأن المحلي.

رفع المحتجون شعارات واضحة تطالب بوضع حد للإفلات من العقاب الذي يتمتع به بعض مسيري الشأن الترابي، خاصة أولئك الذين فشلوا في تنزيل المشاريع التنموية الموعودة، أو تورطوا في قضايا نهب المال العام عبر صفقات مشبوهة.

الحكامة الترابية: واقع يكشف عمق الأزمة

ضعف الحكامة وتراكم الاختلالات

حسب تحليل رشيد لزرق، أستاذ القانون الدستوري بالمغرب، فإن موجة الاحتجاجات الشبابية الحالية تعبر بوضوح عن حجم التوتر الاجتماعي الناجم عن ضعف الحكامة على المستوى الترابي.

وأوضح لزرق في تصريح صحفي أن الوضع الراهن يستدعي تفعيلاً حقيقياً ومستمراً لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة داخل الجماعات الترابية، بدلاً من اللجوء إليه بشكل موسمي أو انتقائي عند اشتداد الأزمات.

غياب التنزيل الفعلي للمبادئ الدستورية

ورغم أن الدستور المغربي ينص صراحة على مبدأ المحاسبة والشفافية في تدبير الشأن العام، إلا أن غياب التطبيق الفعلي لهذه المقتضيات الدستورية أدى إلى تفاقم الاختلالات في الجماعات الترابية.

هذا الوضع ساهم في تعميق سوء تدبير الشأن المحلي، وأفرز حالة من انعدام الثقة بين المواطنين الشباب والمؤسسات المنتخبة، مما زاد من حدة الاحتقان الاجتماعي.

الشباب يتهم: فشل تنموي وثروات مشبوهة

مشاريع معطلة وشعارات فارغة

يعتقد الشباب المحتج أن كثيراً من الفاعلين الترابيين تحملوا مسؤوليات دون أن يكونوا على قدر من الكفاءة أو النزاهة المطلوبة. فقد فشل العديد منهم في ترجمة الوعود الانتخابية إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع، في حين اكتفى البعض برفع شعارات براقة دون تنفيذ حقيقي.

تراكم الثروات وشبهات الفساد

والأخطر من ذلك، حسب المحتجين، هو تراكم ثروات غير مبررة لدى بعض المسؤولين المحليين، وهو ما يثير شبهات قوية حول استغلال المناصب في نهب المال العام عبر صفقات عمومية مشبوهة.

هذه الممارسات دفعت الشباب إلى المطالبة بتفعيل آليات الرقابة والمحاسبة، وإحالة المتورطين في قضايا الفساد على القضاء دون تمييز أو محاباة.

تفعيل المحاسبة: مدخل لاستعادة الثقة

المحاسبة كحل استراتيجي

يرى خبراء القانون الدستوري أن التنزيل الفعلي لمبدأ المحاسبة يمثل المدخل الأساسي لمعالجة جذور الأزمة. فمن شأن تطبيق هذا المبدأ بشكل صارم ومستمر أن يعيد ثقة المواطنين، وخاصة الشباب، في المؤسسات الدستورية.

الحد من الاحتقان الاجتماعي

كما أن تفعيل المحاسبة من شأنه أن يحد من الاحتقان الاجتماعي المتصاعد، ويفتح الباب أمام حكامة ترابية حقيقية تقوم على الشفافية والمساءلة والنزاهة.

ويؤكد المتابعون أن استمرار الوضع الحالي دون معالجة جدية سيعمق الهوة بين المواطن والمؤسسات، وقد يؤدي إلى تصعيد أشكال الاحتجاج في المستقبل.

نحو إصلاح حقيقي للجماعات الترابية

إصلاحات تشريعية ومؤسساتية

تتطلب معالجة هذه الإشكاليات إصلاحات عميقة تشمل الإطار التشريعي والمؤسساتي للجماعات الترابية. ويتعين تعزيز دور هيئات الرقابة والتفتيش، وتفعيل آليات المراقبة الداخلية والخارجية بشكل مستقل وفعال.

تعزيز المشاركة المواطنة

إضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز المشاركة المواطنة في مراقبة تدبير الشأن المحلي، وإتاحة المعلومات للمواطنين بشفافية تامة، وذلك لضمان تفعيل حقيقي للديمقراطية التشاركية على المستوى المحلي.

خاتمة: هل يحمل المستقبل حكامة حقيقية؟

تشكل مطالب حركة جيل زد بربط المسؤولية بالمحاسبة جرس إنذار لكل المعنيين بتدبير الشأن الترابي بالمغرب. فالشباب لم يعد يقبل بالوعود الفارغة، بل يطالب بمحاسبة حقيقية وإصلاح جذري للمنظومة.

هل سيشكل هذا الحراك الشبابي نقطة تحول نحو حكامة ترابية أكثر شفافية ونزاهة؟ أم أن الأمور ستبقى على حالها رغم تصاعد الأصوات المطالبة بالتغيير؟ السؤال يبقى مفتوحاً، والجواب رهين بإرادة سياسية حقيقية للإصلاح.

هيئة التحرير
هيئة التحرير
تعليقات