"جلالة الملك يُوجِّهُ رسالةً إلى المُشارِكِين في اجتماعات الهيئات المالية العربية"
بدأت الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية، وقد وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس رسالة إلى المشاركين، تأكيدا على أهمية هذه الاجتماعات وتقديرا للدور الرائد الذي تضطلع به الهيئات المالية العربية في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية. كما أشار الملك في رسالته إلى أن هذه الاجتماعات تعد فرصة لتقييم المنجزات وتبادل الآراء حول السبل الكفيلة بدعم جهود الدول العربية في مواجهة التحديات المستقبلية. يذكر أن هذه الاجتماعات تعقد في المغرب للمرة السادسة، وتعد محطة هامة لاستشراف المستقبل وتحديد الرهانات التنموية في العالم العربي.
"السادة والسيدات الأفاضل،
تجتمع الهيئات المالية العربية للإجتماعات السنوية المشتركة لعام 2023 في ظل الضبابية والعدم اليقين التي تؤثر على الأداء الإقتصادي العالمي، وخاصة في ظل استمرار تداعيات الأزمة الأوكرانية والتوترات الجيوسياسية الدولية. تزداد الضغوط التضخمية ويشدد الشروط الائتمانية وتتزايد المخاطر المرتبطة بالأزمات المصرفية، كما تزداد التحولات المناخية المقلقة والمتسارعة، مما يؤثر على آفاق النمو الاقتصادي والاستقرار العالمي.
ونظرًا للمخاطر المتزايدة التي تشكلها هذه التطورات على الأمن الغذائي والطاقي، لا سيما بالنسبة للمدى المتوسط والبعيد، نحن ملزمون بالعمل على توحيد الجهود الإنمائية العربية المشتركة وتحديث الاستراتيجيات والبرامج التنموية ورفعها إلى مستوى تطلعات وحاجيات المواطن العربي وخاصة الشباب.
لقد قدّمت الهيئات المالية العربية مساعدات كبيرة لدولهم الأعضاء التي تأثرت بجائحة كوفيد-19 والأزمة الأوكرانية، من خلال إطلاق برامج ومبادرات لدعم الانتعاش الاقتصادي ومواصلة الإصلاحات الهيكلية والمحافظة على التوازنات الاقتصادية. وعلى الرغم من تقديرنا وإشادتنا بهذه الجهود، إلا أنها لم تكن كافية لتلبية جميع الاحتياجات التمويلية المطلوبة، وخاصة في ظل التحديات الجسيمة التي تواجه بلداننا العربية في سعيها لتحقيق التنمية المستدامة .
تحتاج المؤسسات الإنمائية العربية إلى تعزيز قدراتها الاستباقية لمواجهة التحديات الدولية والإقليمية، وذلك بتبني نماذج تنموية حديثة تتضمن تحصين الاقتصاديات العربية وتمكينها من الاندماج في القيم الإقليمية والدولية. وعلى الهيئات المالية العربية توطيد التكامل والاندماج التنموي وتدعيم سلاسل القيمة الإقليمية، مع الاهتمام بالمؤهلات الطبيعية والبشرية والميزات التنافسية للدول العربية. يتطلب التزام الهيئات المالية العربية بالتدابير الاستباقية التي تجنب العقبات المحتملة في مسار التنمية المستدامة، ومواكبة التحولات المناخية وتوفير تمويلات تفضيلية لتعزيز الانتقال إلى اقتصاد أخضر ومستدام. كما يجب دعم الدول العربية في المحافل الإنمائية الدولية لتحقيق التوازن بين قدراتها التمويلية والحد من انبعاثات الغازات المسببة للتغيير المناخي، وذلك للعب دور الوساطة في تنزيل التمويلات الدولية. ويجب أيضًا تحقيق التقاطع الملموس بين الأمن المناخي والأمن الغذائي من خلال دعم الزراعة وتعزيز القدرات الإنتاجية للدول العربية.
تعزيز التكامل الاقتصادي والتنمية المشتركة بين المملكة المغربية وبلدان الشرق الأوسط وأفريقيا
المملكة المغربية، التي تفخر بانتمائها العربي والإسلامي والإفريقي، تحرص على تطوير كفاءاتها البشرية وتبادل الخبرات مع الدول الشقيقة والصديقة، وذلك لتعزيز قدراتها التنموية. إن تقدم المملكة المغربية ونموها لا يمكن تصوره بمعزل عن أشقائها العرب والأفارقة.
تعمل المملكة المغربية على عدة مشاريع مشتركة تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي العربي والإفريقي، بما في ذلك مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، الذي يهدف لتعزيز الأمن الطاقي والتنمية المشتركة على المستوى القاري والدولي.
تشكر المملكة المغربية المؤسسات المالية المحلية والدولية التي ساهمت في تمويل هذا المشروع الواعد، وتثمن دعمها لمسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المغربية، وتؤكد على دعمها لأشقائها الفلسطينيين.
وفي الختام، تجدد المملكة المغربية ترحيبها بكافة الشركاء في بلدها الثاني، وتدعو الله تعالى لتوفيق ونجاح أعمالهم.