أخر الاخبار

اليوم العالمي للمرأة ..ماذا تحقّق من حُريّتها بزايو ؟

اليوم العالمي للمرأة ..ماذا تحقّق من حُريّتها بزايو ؟

 اليوم العالمي للمرأة ..ماذا تحقّق من حُريّتها بزايو ؟

يوافق 8 مارس من كل سنة، اليوم العالمي للمرأة، ويحتفي العالم بإنجازات المرأة في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، ورفع الوعي السياسي والاجتماعي عن قضاياها، وتسليط الضوء على أوضاعها والصعوبات التي تواجهها.

تجاوز الغرب هذه النقطة منذ عقود، الا أن النساء في المغرب لازلن عرضة للاضطهاد والتمييز، بسبب التقاليد أو العادات…

ماتزال قضية حرية المرأة بزايو وتحررها، ومساواتها بالرجل في مجمل مناحي الحياة منعدمة، وحصرها في جسد يباع ويشترى، ويضخم ويصغر، ينتفخ ويتضاءل، حسب شهوة الرجل.
ومازالت تعاني المرأة بزايو، من نظرة الرجل الدونية لها، وترى أن أبسط مبادئ حريتها لم تتحقق بعد بشكل رسمي، أولها حرية الحركة، لممارسة الرياضة في النوادي، أو الشارع، أو السفر، والتنقل لوحدها…، وحرية التعبير عن آرائها ومواقفها.

حكمت الظروف الصعبة على فئات عريضة من نساء زايو ، بأن يعشن حياة شاقة مليئة بالاستغلال والعنف والنسيان بدون حقوق أو حماية تدفع عنهن شر “دواير الزمان” .

هذه الفئات تتساوى أيامها إذ لا فرق بين سائر الايام عندها وهذا اليوم، لأن معظمهن لا يعرفن أن اليوم هو اليوم العالمي للمرأة، وحتى القليلات منهن من يعرفن هذه الأمر يعلمن في الآن نفسه أنه يوم لن يقدم ولن يؤخر في حياتهن ذرة واحدة.

سيدة من زايو في عقدها الرابع، لا تعرف الكتابة ولا القراءة، منذ سنوات خلت وهي تعمل في الحقول، تارة تجني الطماطم وتارة أخرى الخضروات، وتردف قائلة: «كنخرج في الصباح بكري قبل متشرق الشمش، باش نضمن فرصة عمل ، كنظل اليوم كامل كنخدم ، كثر من 10 ديال ساعات من 6 ديال صباح حتى4 ديال لعشية، ومن دون راحة، ومنين كنرجع للدار في لعشية كنحس بالعياء، وكنفيق في اليوم لي موراه باش نخدم عاود وهكذا»، وتضيف قائلة: «آش غادي دير، حكمات علينا الوقت أخويا، ولمعيشة غلات بزاف، ضروري من لخدمة إلى بغيت تعيش…».

تقول فاطمة، 44 سنة، عاملة، «من خلال عملنا في الضيعات تُصاب أيدينا بتشققات وخشونة في جلد اليدين وتضخم في سمكه، لهذا تفضل بعض العاملات وضع قفازات»، وتضيف «أنا شخصيا لايمكنني أن أعمل دون أن أخفي يدي في قفازين». أما عن حكايات التحرش الجنسي والاستغلال سألناه ما إذا تعرضت يوما ما له؟، أخذت نفسا عميقا، قبل أن تجيبنا بنبرة صوت خافتة وحزينة»، ما عساي أن أقول لك: «تعرضت لذلك مرارا وتكرارا، فإن لم يكن من قبل المشغل، فيكون من قبل بعض عمال الضيعة الذين يشتغلون معنا، هناك من أرباب الضيعات من يستغل عوز بعض الفتيات جنسيا، من خلال التهديد بالطرد من العمل». في نفس السياق دائما تحدثت نجاة 33 سنة، أرملة، وأم لثلاثة أبناء، عن معاناتها نفسيا لحظة بدأت تبحث عن عمل في الضيعات الفلاحية، حيث أنها كانت لا تستطيع التصريح بالضغوطات والمساومات التي كان يمارسها عليها مشغلها قصد تلبية رغباته، لذلك تركت العمل في الضيعات والحقول لسنوات، حيث ضاقت ذرعا من العمل كخادمة في البيوت والمقاهي في المدن المجاورة لمدينة زايو، لتقرر أخيرا العودة للضيعات الفلاحية، تقول: «المشكل لي كنعانيو منو كعاملات في الحقول هو التحرش الجنسي اللي كيتمارس علينا من طرف بعض المشغلين، والرجال لي كنخدمو معاهوم ، زيد على هاد شي كنتخلصو 80 درهم في نهار، عشنا بكري…».

بُؤس وتضحية تشهد مدينة زايو يوماَ بعد يوم تزايداً ملحوظا في عمالة النساء والفتيات، حيث يلاحظ كل متتبع لوضع المرأة بالمدينة، أنهن اقتحمن معظم مجالات العمل وميادينه وأصبحن ينافسن الرجال، كالفلاحة والتجارة…، -وذلك في مسعى سد حاجاتهن وتحسين المستوى المعيشي لأسرهن، لذلك فهن يقاسين بالحقول والضيعات الفلاحية، أشكالا وأنواعا من التعسف وهضم الحقوق، بالإضافة إلى تعرضهن للتحرش الجنسي في صمت، من قبل بعض المشغلين والعاملين معهم في نفس الضيعة، فعمل النساء في الضيعات والحقول الفلاحية يعود أساسا إلى الظروف الصعبة التي تعيشها الكثير من العاملات في زايو والأجور التي يتقاضينها ضعيفة، ولا توفر الحاجيات الضرورية لهن ولأسرهن، ومع ذلك يخرجن باكرا كل يوم بهدف العمل، يتكدسن داخل سيارات «البيكوب» إلى الضيعات الفلاحية. تقول عاملة، رفضت الكشف عن اسمها وسنها، «إنها وجدت نفسها مضطرة للعمل في الضيعات الفلاحية، مقابل أجر يومي جد قليل لمساعدة أسرتها على تأمين احتياجاتها، والمكونة من خمسة أفراد، موضحة أنها تكدح نحو عشر ساعات يوميا، مقابل 80 درهما، ومع ذلك فهي تشكل رافدا أساسيا لأسرتها سيما وأن دخل زوجها غير قار في «البناء»، إذ لا يسمن ولا يغني من جوع، وتضيف أن الوضع المادي لكثير من الأسر في مدينة زايو ضعيف، لهذا تضطر النسوة للعمل، فظروفهن لا يمكن وصفها إلا بالمأساوية، في ظل غياب أي حق سواء من ناحية التأمين الصحي، أو الضمان الاجتماعي أو حتى وجود حد أدنى للأجر الذي يتحكم به أصحاب العمل. وتردف قائلة: «إن من أكثر الصعوبات التي تواجهنا هي الحاجة لقوة عضلية في جني الخضر والحوامض والبواكر أو محاصيل زراعية أخرى، إلى جانب بعد الحقول عن مناطق السكن، والذي يسبب الإرهاق للعاملات».

وبالتالي يجب أن يقف الجميع وقفة تأمل لهذه الفئات العريضة التي شمرت على سواعدها لتواجه الظروف الصعبة بأياد رقيقة لم تخلق لكي تكون خشنة، ورد الاعتبار لها، فهي كما سلف القول تستحق الاعتذار وأكثر من 8 مارس، وليس لأولئك المتعطرات وصاحبات التسريحات اللواتي يظهرن على الشاشات للاحتفال بهذا اليوم الذي هو في الأصل يوم خُصص لهذه الفئات المقهورة، التي لا تعرف أنه يوم للاعتراف بقدرهن والإعلاء من شأنهن كما سبق الذكر، لا يعرفن كل هذا، فمعرفتهن منصبة كلها على تأمين لقمة العيش، إذ أن كل تقاعس أو اهمال قد يكلفهن معاناة أخرى، أكبر وأمر.

وإذا كانت مبادرة المرأة عام 1910، حين دعت إلى مؤتمر عالمي في “كوبنهاغن”، تخليداً لذكرى ضحايا المظاهرة التي نفذتها النساء العاملات في شركة النسيج بمدينة شيكاغو عام 1908، واعتبار يوم الثامن من مارس عيداً للمرأة.

قد شكلت الخطوة الأولى باتجاه تأطير نضالاتها ضد شتى صنوف الظلم والاضطهاد، والقهر الاجتماعي، والعلاقات التي تحد من كيانها، والممارسات التي تستهدف إنسانيتها، وأن تلك البادرة – بل الشمعة – الأولى جاءت رداً على نمط علاقات الإنتاج والسياسات التي كانت تحد من إنسانيتها، وعدم مساواتها بالرجل، إلا أن هذا لا يعني أنها قد أصابت في كل ما تريد أو هدفت إليه أو أنها نالت حريتها.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-