د.عبدالحق الصنايبي & الثقة فالوثيقة: مع شيخ المؤرخين الجزائريين (4)
* نقلة نوعية من حضيض اللا تاريخ إلى عظمة المملكة الشريفة
– في هذا الجزء الرابع، سيقوم الدكتور بنقلنا من حضيض اللا هوية واللا تاريخ فيما يسمى جغرافيا الجزائر المحكومة/المستعمرة.. منذ 1514 الى 1830 من طرف الاتراك (316سنة)، لتنتقل بعدها مدة 132 سنة في أحضان الاستعمار الاستيطاني الفرنسي.. إلى عظمة الحضارة والتاريخ المغربي.
سينقلنا من كبير وشيخ المزورين عفوا المؤرخين بالجزائر “ابو القاسم سعد الله”.. وكتابه “محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث (بداية الاحتلال)” المليء بالتناقضات التي يشتغل الدكتور على تعريتها عبر برنامجه الخاص به حصريا (الثقة فالوثيقة) (1).. إلى المجلد الثاني من مؤلف “التاريخ الدبلوماسي للمغرب من أقدم العصور إلى اليوم” لمؤلفه السياسي الكاتب والمؤرخ: د. عبد الهادي التازي (2) من ص 69 إلى ص 70
تذكير.. لعل الذكرى تنفع..
– قبل هذا، لنتذكر ما قلناه في الحلقة السابقة عن تمثيلية السفارات بين فرنسا واسطنبول.. تعبيرا عن التمثيل الدبلوماسي بين دولتين وإمبراطوريتين، مقابل تمثيلية القنصلية بين فرنسا والجزائر التركية العثمانية، وهو إجراء دبلوماسي بين دولة فرنسا وإقليم وإيالة ووصاية “جغرافيا الجزائر” التابعة لتركيا العثمانية.
فالدكتور الصنايبي يقوم بمقارنة بين مؤرخَيْن وبين كتابَين.. مقاربا الموضوع مقاربة دبلوماسية (في القانون الدولي)؛ حيث سينقلنا إلى تمثيليات الإمبراطورية المغربية مع دول أوربا عبر سفارات هنا وهنا وهنالك وليس عبر قنصليات! فانتبه!
* سفراء المملكة المغربية(الدولة الامة) بفرنسا وبريطانيا
– يقول الدكتور عبد الهادي التازي:
(ولا بد أن يكون السفير الوارد مزودا برسالة اعتماد تحتوي على العناصر التي تتضمنه عادة رسائل الاعتماد من تقديم السفير.. وتوصية خيرا به، ومنحه الثقة فيما يقول وفيما ينقل على ما هو معهود. وفي كثير من الحالات.. يُزوَّد السفير بما يمكن أن نسميه اليوم تأشيرة الدخول إلى المملكة (3)، حيث تبعث له الحكومة المغربية بإذن للعبور (4) والنزول في ميناء تُعَيِّنُه.
..يكون ذلك الإذن بمثابة حماية له من المتاعب أو المصاعب. وفي هذا الباب تتوفر الأرشيفات الأوربية على نماذج من هذه الأذون على ما نراه بكثرة في ايام الأشراف السعديين والعلويين. هذا علاوة على الإشعار (5) الذي يسبق هذه التأشيرة والذي يتضمن الترحيب بالسفير المرشح على نحو ما يسمى اليوم بالموافقة (6).. التي تعني الخطوة الحاسمة لتأهب السفير للالتحاق بمقر مأموريته لممارسة الشؤون..
رسالة السفير “ولد عائشة”..
.. وقد ورد في رسالة “ولد عائشة”، سفير السلطان المولى إسماعيل لدى لويس الرابع عشر Louis XIV: “السلطان لا يقبل الناس بغير موعد.. وأن السفراء كلهم سواسية، وإن قضاء الأغراض يخضع للشرع والقانون.” ومن المفيد أن نقتبس هنا من رسالة تحمل تاريخ 28 ذي الحجة 1242هجرية/7يوليو 1827م. موجهة من السلطان عبد الرحمن إلى جورج الرابع George IV ملك بريطانيا. “فكما انكم لا تنتنبون إلينا إلا من ترضونه.. فكذلك أنتم لا تتم نيابة أحد من قِبَلِنا لديكم الا بقبول حاله”…
ويواصل المؤرخ المغربي سرد عظمة الإمبراطورية الشريفة بالقول.. “ولا بد ان يسترعي انتباهنا وصول بعض السفراء إلى المملكة المغربية.. ونتسائل عن المراسيم التي كانت تُعَدُّ حتى بتم الاستقبال في أحسن الظروف. ولا بد لكي نستعرض بعض تلك اللقاءات أن نعرف أن الدولة المغربية وقد اصبحت في الأندلس على علاقة جوار ترابي مع ممالك اوربا.. قامت باستشارة مُسهبة للعلماء لكي يُرشدوها إلى الطريق الذي ينبغي ان يُسلَك لاستقبال الملوك …)
ملخص السرد التاريخي..
– الأمر اذا اصبح أكثر وضوحا؛ فالسفراء بين فرنسا الدولة – وتركيا الإمبراطورية .. والسفراء ايضا بين فرنسا الدولة – والإمبراطورية المغربية الشريفة. والسفراء بين بريطانيا – والمملكة المغربية الشريفة .. مقابل قنصل بين فرنسا وإيالة وإقليم ووصاية “جغرافيا الجزائر” التابعة للحكم العثماني. فافهم!
* (1) رابط موقع د.عبد الحق الصنايبي:
* (2) عبد الهادي التازي (مواليد 15 يونيو 1921، تازة – توفي 2 أبريل 2015، الرباط) سياسي وكاتب ومؤرخ مغربي. عضو بأكاديمية المملكة المغربية وعضو بمجمع اللغة العربية بالقاهرة .. تقلد عدة مناصب، فكان سفيرا للمغرب بالعراق ثم سفيرا للمغرب بليبيا،ثم مديرا للمعهد الجامعي للبحث العلمي..
– (3) تأشيرة = visa
– (4) إذن للعبور = un laissez-passer
– (5) إشعار = Avis
– (6) موافقة = approbation