أخر الاخبار

رئيس الحكومة يتواصل ومن يقول العكس فهو جاحد

 رئيس الحكومة يتواصل ومن يقول العكس فهو جاحد


 رئيس الحكومة يتواصل ومن يقول العكس فهو جاحد

عدنان بوشان 

باحث في العلوم القانونية


بمناسبة مرور 100 يوم من عمل الحكومة قدم السيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش عرضا عن حصيلة 100 يوم، وذلك في لقاء أمام القناتين الوطنيتين الأولى والثانية، وقد عرف هذا اللقاء عرض بعض المنجزات التي حققتها الحكومة، ولو أن 100 يوم غير كافية من أجل تقييم عمل الحكومة.
وبعيدا عن أول لقاء للسيد رئيس الحكومة أمام الإعلام بعد مرور ثلاث أشهر و 10 أيام من عمل الحكومة، فإن بعض المحسوبين على العقلاء وبعض الأفواه التي تُحب الانتقاد والنقد الهدام عبرت عن أن هناك غياب كبير في منهجية التواصل من طرف السيد رئيس الحكومة، متناسين أن رئيس الحكومة رجل دولة يمثل السلطة التنفيذية، وأنه يخضع من حيث ممارسته لمهامه هذه لمقتضيات الدستور والقانون التنظيمي والنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
ذلك أن تواصل السيد رئيس الحكومة بصفته تلك ينبغي أن يتم وفق المقتضيات القانونية، فهو لا يمارس نشاطا سياسيا يبحث فيه عن مصلحة الحزب الذي يترأسه، وإنما عملا حكوميا يرجوا منه إعلاء المصلحة الوطنية للبلاد ولجميع المغاربة دون استثناء، وهنا يكمن الفرق بين المنصبين والموقعين، فإذا كان بعض رؤساء الحكومات السابقين يستغلون أحد هذه المناصب لخدمة أجندتهم السياسية والبحث عن اكتساب شعبوية زائفة من خلال بعض الخرجات الإعلامية واستغلال بعض الأفواه والمؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض أفواه السوء التي تضرب يمنة ويسرة دون التفات أو احترام للمقتضيات الدستورية والقانونية، فإن السيد رئيس الحكومة الحالي يعرف الفرق بين الموقعين ويعلم أن مصلحة البلاد أولى من أن يَستغل منصبه من أجل تحقيق مكاسب حزبية أو سياسية محضة.
وهنا لابد من التذكير بأن الدستور المغربي ومعه القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، قد حدد الآليات التواصلية للسيد رئيس الحكومة وحدد له كذلك كيفية ممارسة مهامه بصفته تلك أي باعتباره رجل دولة وممثل للسلطة التنفيذية، وليس بصفته سياسيا أو رجل سياسة يمثل توجهات التنظيم الحزبي الذي ينتمي إليه، ونجد من ضمن هذه الآليات تحديد السيد رئيس الحكومة مهام كل عضو من أعضاء الحكومة واختصاصاته بعد التعيين الملكي، وقد جعل للحكومة وزيرا منتدبا لدى رئيس الحكومة مكلفا بمهمة الناطق الرسمي باسم الحكومة، الذي تكون مهمته هي التواصل الدائم مع وسائل الإعلام والرأي العام بشأن الأخبار والمعلومات والقرارات التي تتخذها الحكومة، وتوضيح ما يجب توضيحه من خلال الأسئلة التي يطرحها السادة الصحفيين بهدف تنوير الرأي العام والوطني.
إلى جانب ذلك نجد تقديم الأجوبة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة وهي أسئلة غالبا ما تجد مصدرها في هموم الشعب وتطلعاته بشأن تدبير الشأن العام والمحلي، حيث يتم تخصيص جلسة شهرية للسيد رئيس الحكومة من أجل الجواب على هذه الأسئلة، ومنها طبعا إعطاء تصور الحكومة حول السياسات العمومية والقضايا الوطنية، وبذلك فإن تواصل السيد رئيس الحكومة سيكون تواصلا شهريا إلى جانب التواصل الأسبوعي أو الدوري من خلال السيد الناطق الرسمي باسم الحكومة.
كما يمكن للسيد رئيس الحكومة أن يعرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة أمام البرلمان وهي إمكانية لم يحدد لها المشرع الدستوري وقتا معينا، وإنما تبقى مسألة بيد رئيس الحكومة والسادة أعضاء مجلسي البرلمان، بالإضافة إلى تخصيص جلسة سنوية لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها أمام البرلمان، وهي أمور تبين بشكل واضح الحدود الدستورية والقانونية لتواصل السيد رئيس الحكومة بصفته تلك لا غير، أما عن صفة السيد رئيس الحكومة الحزبية باعتباره رئيسا للحزب الذي تصدر الانتخابات التشريعية لاقتراع 08 شتنبر 2021 فهي مسألة تخضع لسلطة وقناعة رئيس الحزب وسياساته الحزبية، ولا يمكن طبعا أن تكون بنفس الطريقة أو الطرق التي كان يمارسها بها بعض رؤساء الأحزاب الذين كانوا في نفس الوقت رؤساء حكومة، والذين يخلطون بين المهمتين فكان همهم وتفكيرهم دائما مرتبطا بالاستحقاقات الانتخابية، والبحث عن الشعبوية وحب الظهور واحتلال مساحة كبيرة في الساحة الإعلامية، خلاف ما تقتضيه الأمور العادية والظرفية السياسية من ضرورة الإعلاء من حس المواطنة الملزمة والوعي بضرورة تنزيل الالتزامات الحكومية على أرض الواقع، بعيدا عن أي تشويش أو عرقلة أو انجرار إلى خوض معارك سياسية لن تنفع الإرادة الشعبية في شيء، وهي التي عبرت عن موقفها في الانتخابات الأخيرة واختارت رئيس حكومتها، هذا الأخير الذي حدد له الدستور والقوانين الجاري بها العمل طرق التواصل مع جميع المغاربة باعتباره رئيس حكومة الجميع، وليس رئيس حكومة من صوت عليه كما كان البعض يخلط بين الأمرين، ويرجح طبعا موقف حاشيته، وهو ما لا نجده لدى رئيس الحكومة الحالي الذي عبر على أن هدف الحكومة هو تحقيق البرنامج الحكومي، وإرضاء المواطن المغربي من خلال تحقيق التعاقدات التي التزمت فيها الحكومة مع المواطن، وهذا هو التواصل المهم والأساسي بأن يُحس المواطن بهذا التواصل من خلال البرامج الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تضعها الحكومة رهن إشارته و من الحماية الاجتماعية التي يستفيد منها المواطن

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-