عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة يُجهض "تحقيقات الفواجع" بالمغرب
الأربعاء 11 شتنبر 2019 - 02:00
فواجع إنسانية هزت الرأي العام الوطني خلال السنوات الأخيرة، رافقها الكثير من الاستياء والتنديد الشديد، بسبب المسؤولية المباشرة المُلقاة على عاتق الجهات الوزارية المعنية، ومع ذلك هناك جزء من المسؤولية يتحمله المواطن المغربي، بفعل التهوّر الذي يطبع بعض السلوك في الحياة اليومية، وهو ما يؤدي إلى تنامي الحوادث المرورية.
وبالعودة إلى مختلف الحوادث الطرقية أو الفواجع الطبيعية التي تقع بين الفينة والأخرى، نجد أن مختلف لجان التحقيق التي أحدثت في هذا الصدد لم تُؤت أكلها، بحسب عدة مراقبين حقوقيين واجتماعيين، على أساس أنه لا يتم الإفراج عن نتائج التحقيقات التي قامت بها من جهة، ولا يُعرف مصير هذه اللجان من جهة ثانية.
في هذا السياق، قال كريم اسكلا، رئيس مرصد دادس للحكامة والتنمية الجيدة: "لكي يؤدي ما يسمى بفتح تحقيق دوره الحقيقي، لا بد من توفر عدة شروط؛ أهمها الاستقلالية المطلقة للقضاء واللجان المكلفة بفتح التحقيقات، ثم قيام النيابة العامة بأدوارها، والبدء بتفعيل مبدأ المحاسبة بشأن الملفات والقضايا الكبرى، عوض الاقتصار على المشاكل البسيطة التي تعاقب فيها أكباش الفداء".
وسجل رئيس مرصد دادس للحكامة والتنمية الجيدة، في تصريح، "توالي عدم الحسم في الكثير من الملفات الكبرى، من خلال طيّها مع مرور الوقت، إلى جانب حالات مسؤولين تعرضوا لإعفاءات عقابية بسبب سوء تدبير أو فساد"، وزاد: "توجد ملفات العديد من المسؤولين داخل ردهات المحاكم، لكن لم يقل القضاء كلمته فيها، وتم تناسيها، بل هناك من أعفي بسبب الفساد، لكنه بعد ذلك حصل على منصب أفضل وأرقى".
وأورد الفاعل المدني عينه أن التحقيقات "قد تصبح مجرد طريقة لابتزاز وإخضاع البعض عبر تلفيق القضايا وصناعة التهم"، مردفا إن "المواطنين، مع تكرار ما يسمى بتكوين اللجان وفتح التحقيقات، فقدوا الثقة في مثل هذه الوعود، وأصبحوا بذلك يعتبرونها مجرد مقبرة للقضايا"، مختتما تصريحه بالقول إن "فقدان الثقة هو أصعب شيء يمكن أن تواجهه الدولة".
يشار إلى أن المملكة عرفت العديد من الحوادث الطرقية والكوارث الطبيعية خلال السنين الأخيرة؛ من بينها فاجعة اصطدام حافلتين في الطريق الوطنية الرابطة بين تنغير وورززات التي أودت بحياة العشرات سنة 2011، والتي فُتح بشأنها تحقيق في عهد وزير التجهيز والنقل الأسبق كريم غلاب لكنه بقي حبيس رفوف الحكومة، والأمر نفسه ينطبق على "فاجعة طانطان" التي وقعت سنة 2015، ما جعل كثيرا من المتتبعين يُسقطون هذه الوقائع على ما يرتقب أن تُسفر عنه التحقيقات المفتوحة بشأن "فاجعة الرشيدية" و"فاجعة تارودانت".