أخر الاخبار

يُدرِّس ابنه بالكيبيك، يتسوق من باريس، يستثمر بدبي.. وقالك: اتقوا الله في الاقتصاد الوطني! الله يعطينا وجه الذين ـ مايسة سلامة الناجي

يُدرِّس ابنه بالكيبيك، يتسوق من باريس، يستثمر بدبي.. وقالك: اتقوا الله في الاقتصاد الوطني! الله يعطينا وجه الذين ـ مايسة سلامة الناجي

عندما انفضحت قضية "كامبريدج أناليتيكا" قبل شهرين (وهي باختصار شديد: مركز دراسات نشر تطبيقا عبر الفايسبوك ليسرق معلومات ملايين المستخدمين الأمريكان ويجهز لهم محتويات إخبارية تؤثر على طريقة تصويتهم في الانتخابات الرئاسية ـ بما لهذا السيناريو الهوليودي من حقيقة وما عليه من تمويه لإفقاد ترامب شرعية المصوتين قد أناقشه في مقال آخر)، ساد سخط شعبي عالمي عارم على الفايسبوك ونزلت أسهمه بالبورصات بشكل رهيب فقد 70 مليار دولار خلال 10 أيام والباقي "ما تيجمعوا غير الفم"، وتم استدعاء مالك الفايسبوك مارك زوكربرك أمام مجلس الشعب الأمريكي "الكونڭريس" ومساءلته عن مدى احترامه وعمله على حماية خصوصية المستخدمين، وتم بث هذه الجلسة على القنوات الأمريكية والعالمية وكانت أشبه بجلسة محاكمة علنية (رغم ضحالة أسئلة ممثلي الشعب الأمريكان بسبب جهلهم في مجال الانترنيت)، محاكمة شاب صنع بنفسه موقعا وشركة خاصة استعمالُها مجاني وربحها إشهاري، دون استغلال موارد طبيعية مِلك للشعب، دون استغلال موارد بشرية بغير عقود وتأمين صحي وحقوق شغيلة، إنما صنع موقعا افتراضيا بعبقريته يشغل عشرات الآلاف بكامل حقوقهم ورواتب جيدة ويدفع ضرائبه للدولة ولربما يتعاون مع مؤسساتها الإنتليجينسيا ومنح للشعوب منبرا بديلا لأصواتها... يعني شركة مواطِنة %100 ورغم ذلك وُضعت حُرمة المستخدم فوقه وفوق شركته وفوق كل اعتبار، وبعدها مباشرة عمدت كل شركات المواقع الاجتماعية منها تويتر ولينكدين وعلب الرسائل جيميل وياهو إلى إعادة تحرير عقد المستخدم لتمكنه من إدراك طريقة استعمال معلوماته الشخصية خوفا من المتابعة القضائية وأن تسقط في نفس السخط الشعبي الذي سقط فيه الفايسبوك في الشهرين الماضيين.... لأن المستهلك والزبون مَلِك، في الثقافة الأمريكية، وفي العالم. ولأن المواطن أولوية، والمؤسسات في خدمته، كما هو المعمول به في أي ديمقراطية. لكن ليس في المغرب!

في المغرب: الزبون عبد، والمواطن رعية، والبرلمان وُجد كي يمرر ميزانيات المؤسسات السيادية، والحكومة تشتغل لحماية مصالح اللوبيات الاستثمارية وتهدد المقاطعين بالسجن. والداودي وزير الشؤون العامة والحكامة بدل أن يخاف على القدرة الشرائية لمن صوت على حزبه من المستضعفين، الداودي خائف من أن تغضب شركة سنطرال دانون وتغادرنا بدعوى أنه يحمل هم تسريح الشغيلة!! هؤلاء الشغيلة الذين ترشي الحكومة النقابات بشكل سنوي لتمنع عنهم حقوقهم كما جاء في عدد من المنابر الإعلامية حول رشوة أداها بنكيران لموخاريق والأموي عام 2015 قدرت بمليار و500 مليون سنتيم كي تمتنع النقابات عن خوض إضراب عام وطني يطالب برفع الحد الأدنى للأجور، هؤلاء الشغيلة الذين حين طالبوا بالترسيم والتأمين الصحي والتقاعد هددت الباترونا بالإفلاس وتسريحهم فرضخت الحكومة لتهديدات الباترونا، هؤلاء الشغيلة المهمَلون المفقرون الذين يموتون في أبار الفحم بجرادة دون أن يحرك وزير الطاقة والمعادن ساكنا لولا الاحتجاجات، هؤلاء الأساتذة مربو المستقبل الذين ترفض الحكومة تأدية مستحقاتهم والذين حولت ترسيمهم في الوظيفة العمومية إلى تعاقد عامين بينما تركت لخدامها البرلمانيين والوزراء تقاعدا مدى الحياة، هؤلاء الفلاحون الذين تم تخصيص ميزانية 50 مليار درهم للعالم القروي لدعمهم ودعم تعاونياتهم بشكل مباشر خاصة وقت الشح والجفاف إذا بوزير الفلاحة كاد يحولهم بداية 2016 إلى زبناء مشتركين في شركة تأمين من الجفاف لولا فضح الإعلام لهذا الأمر وامتعاض الرأي العام! الشغيلة الذين يتم استغلالهم أبشع استغلال كعاملات نظافة وموظفي حراسة في عدد من الشركات دون أن يحرك وزير التشغيل ساكنا، يدعي الداودي وتدعي الحكومة الخوف عليهم من العطالة والكساد إن غادرت سنطرال!!!

في المغرب عوض أن يتم فتح تحقيق في جودة مياه سيدي علي وحقيقة كونها مياه معدنية يتم اتهام المقاطعين بالمداويخ. وعوض أن يتم فتح تحقيق في ثمن شراء الحليب من عند الفلاح المسكين مقابل ثمن بيعه للطبقة المتوسطة المثقوبة الجيوب يتم اتهام المقاطعين بالخونة. في المغرب عوض أن تتم محاسبة الوزراء والبرلمانيين المهملين الذين تركوا شركات مثل أفريقيا للمحروقات تبتز الزبائن لعامين بأسعار نارية رغم أن سعر البترول نزل بالسوق العالمي يتم تهديد المقاطعين بالمتابعة القضائية. في المغرب عوض أن يتم ترميم الميزانية المفلسة بنقص ميزانية البلاط والمؤسسات السيادية ورواتب خدام الدولة وامتيازاتهم وفرض ضريبة على الثروات وزيادة الضرائب على الأرباح، يتم ترميم الميزانية من ضرائب المقاولات الصغرى والمتوسطة والزيادة على المساكين ونقص رواتبهم وتقاعدهم!
في المغرب تجد خدام الدولة يصرفون الملايين لتدريس أولادهم بجامعات الكيبيك، والملايين ليتنفدقوا ويتزندقوا مع خليلاتهم بنيويورك، والملايين للترفيه على أنفسهم بنوادي القمار بلندن، والملايين ليبعدوا زوجاتهم في عطل ببورا بورا، والملايين للاستشفاء بكلينيكات باريس، والملايين للتسوق من متاجر ميلانو، والملايين في حسابات بنكية بمدريد، والملايين المبيضة المغسولة في استثمارات بدبي، ثم يطالبون المقاطعين أن يتقوا الله في الاقتصاد الوطني!!!! نحن نتقي الله في اقتصادنا؟ نحن الذين نأكل وننام ونتعالج وندرس ونصطاف ونشتري من سلعة السويقة! إيوا الله يعطي وجه للي ماعندوش

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-